. مدحت الشريف وكيل اقتصادية النواب السابق ل ” العالم…
” الحكومة لا يمكنها تنفيذ جميع مطالب الصندوق بشكل عام…لان البرنامج الموضوع لا يراعي البعد الاجتماعي والأمني والسلمي للمجتمع …وهذه صفة سائدة في في تعاملات الصندوق مع دول العالم الثالث ….” … بهذه العبارات الحاسمة التي حملت رؤي مهمة حول برنامج صندوق النقد الدولي الذي يتم تطبيقه وكيف ان الحكومة لا يمكنها تنفيذ جميع مطالبه تحدث الدكتور مدحت الشريف استشاري الاقتصاد السياسي وسياسات الأمن القومي ووكيل اللجنة الاقتصادية السابق بمجلس النواب وعضو اللجنة الاقتصادية بالجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط في حواره مع ” العالم اليوم” ، لافتا الي ان برنامج إصلاحات الصندوق يحوي عديد من الاجراءات التي يصعب تنفيذها بشكل كامل علي ارض الواقع وفي مقدمتها تحرير سعر الوقود ورفع الدعم بشكل كامل عنه بل والاسوء انه يريد تعويض فرق التكلفة منذ بدء برنامج الإصلاح الاقتصادي نهاية 2022 بمعني ان كل فروق الدعم الذي أنفقته الحكومة منذ بداية الإصلاح الاقتصادي يتم استعادته كاملا مع نهاية 2025 وهو امر مستحيل التنفيذ وينذر باخطار جسيمة تمس الأمن القومي المصري.
واضاف ان برنامج الإصلاحات يتضمن ايضا استهداف الوصول الي شفافية التقارير الصادرة من الجهاز المركزي للمحاسبات المعنية بالتدفيق المالي والحسابي بجميع المؤسسات التي تخضع لرقابة هذا الجهاز وتعديل قانون هذا الجهاز ليكون أكثر فاعلية في مواجهة المخالفات المالية والإدارية والفساد ، لافتا الي ان تعديل قانون الجهاز كان أحد القضايا التي تبناها خلال تواجده بمجلس النواب حيث طالب بأن يكون أكثر فاعلية وان يكون هناك إعلان لتقارير الحهاز علي الرأي العام
وقال ان برنامج الصندوق يستهدف ايضا عمل خفض جديد لسعر الجنيه مقابل الدولار في إطار خط زمني يصل الي تحرير سعر الصرف بشكل كامل ، مشددا علي ان التحرير الكامل لسعر الصرف يمثل خطر جسيم ويؤثر علي الأسعار ونسب التضخم مع الوضع في الاعتبار ان سعر الصرف في الوقت الحالي هو سعر مرن بالفعل بدليل عدم ظهور سوق سوداء وبدون اتخاذ مواجهات أمنية عنيفة .
واضاف ان إجراءات الإصلاح تتضمن ايضا تحرير الخدمات والتي تشمل أسعار الكهرباء والمياه والغاز …ودعم السلع التموينية ، مشيرا الي ان تلك الخطوة تمس الفئات الأكثر احتياجا ومن هم تحت خط الفقر المادي والمدقع وان التضخم امر يجب ان نضعه علي قمة اولويات الامن القومي المصري في هذا المرحلة.
واستطرد : انه وفق اخر تقرير صادر عام 2018 للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عن دراسة العلاقة ما بين الدخل والانفاق والاستهلاك فان مستوي من هم تحت خط القفر المادي قد قدر بنحو 34% من عدد السكان وهو ما يعني اننا قاربنا ان نصل الي 40 مواطن تحت خط الفقر وهو رقم قديم ولم يصدر الجهاز حتي الان تقارير حديثة منذ صدور هذا التقرير منذ 6 سنوات.
ولفت الشريف الي دعم السلع التموينية وكيف انه يعد من أخطر أنواع الدعم الذي يستهدف برنامج صندوق النقد الغاءه ، مؤكدا ان هذا الأمر لا يمكن اعتباره إصلاح اقتصادي ولكنه ” قنبلة” موقوتة شديدة الانفجار .
وأشار إلي الجدلية المثارة حول التحول من الدعم العيني الي النقدي ، موضحا انه في عام 2016 عندما اثيرت قضية فساد القمح الكبري كان من ضمن توصيات لجنة تقصي حقائق فساد القمح هو التحول التدريجي من الدعم العيني الي النقدي وكان هناك توضيح لكيفية ربط سعر الدعم العيني بالنقدي وتغيراته طبقا لنسب التضخم وارتفاع الأسعار .
وتابع : انه كان هناك ضغط من اللجنة الاقتصادية لعمل دراسة حول الأمر وكانت الحكومة ترفض حتي ان أحد وزراء التموين أثناء حضوره اللجنة الاقتصادية لمناقشة الدعم العيني وتصويبه أفاد انه لا يستطيع المساس بهذا الشأن وانه ” بيزنس ” ناجح !!!.
وأكد أنه مع ضرورة التحول من الدعم العيني الي النقدي علي ان يتم عقد لجنة من وزارات الصناعة والتجارة والتموين والتجارة الداخلية والتنمية المحلية وهيئة الرقابة الإدارية كل 3 اشهر لعمل تسوية ما بين السعر السابق والسعر المتداول في السوق حتي يتم القضاء علي اي ظلم يقع علي مستحقي الدعم التمويني ووجود سعرين للمنتج ، مشددا علي ان تلك الخطوة تمثل امر طبيعي تستخدمه الدولة في تسعير أسعار المحروقات كل 3 اشهر .
وقال ان خطوة التحول من الدعم العيني الي نقدي يجب أن تتم بعد وجود قاعدة بيانات دقيقة عن مستحقي الدعم في مصر وصدور تقرير الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عن العلاقة ما بين الدخل والانفاق والاستهلاك المعطل منذ عام 2018.
وشدد علي ان منظومة الدعم النقدي يجب تطبيقها بشكل تدريجي وبنظرية مشروع تجريبي علي نطاق جغرافي محدد ” محافظة او محافظتين” كبداية .
وقال الشريف ان من ضمن مطالب الصندوق بيع حصة الدولة في المشروعات الوطنية حيث يستهدف الصندوق خروج الاستثمارات الحكومية من كافة المشروعات المملوكة للدولة خلال فترة زمنية محددة وهو ما بجعل الدولة تفقد قدرات إنتاجية تستطيع أن تسد احتياجاتها من كثير من السلع خاصة المستوردة، مشددا علي ان استمرار الشركات الوطنية في الانتاج حتي لو كانت خاسرة وتبني برامج تطوير لها خير من الاستيراد واستنزاف الموارد الدولارية.
وأكد أن ما ذكره يمثل أمثلة وليس حصرا كاملا لتداعيات برامج إصلاح صندوق النقد الدولي المجحفة .
وقال ان هدف الحكومة من تطبيق هذا البرنامج – من وجهة نظره – هو الحصول علي ورقة اتفاق مع الصندوق تسمح باقبال مستثمري الأموال الساخنة علي السندات واذونات الخزانة التي تصدرها بالدولار والتي تجاوزت 36 مليار دولار منذ الاتفاق الأخير مع الصندوق وصرف الدفعة الثالثة ، مشددا علي ان الجميع يعلم الآثار السلبية لهذا النوع من الاستثمار غير المباشر وقد سبق وأن أعلن وزير المالية السابق بأن الحكومة أخطأت في اعتمادها علي الأموال الساخنة في تمويل عجز الموازنة عندما خرج أكثر من 22 مليار دولار خلال اسابيع قليلة.
وأوضح الشريف ان برنامج الصندوق مفترض ان ينتهي في اكتوبر 2026 وان إجمالي قيمة هذا البرنامج الأخير 8 مليارات دولار ، محذرا من الانصياع الكامل لهذا البرنامج وكيف انه يشكل تهديد مباشر للأمن القومي .
وأكد أنه يجب علي الدولة تشكيل فريق من الخبراء الوطنيين غير المنتمين لصندوق النقد او البنك الدولي ومؤسساتهم للتفاوض مع ممثلي الصندوق لتوضيح المخاطر الحقيقية لتطبيق هذا البرنامج ووضع الحلول البديلة مع عدم المساس بالخط الأحمر للأمن القومي المصري ، مقترحا قيام هذا الفريق وضع بدائل وسيناريوهات مختلفة في حالة تسويف او إيقاف برنامج الصندوق .
وشدد الشريف علي ان مصر لديها المؤيدات المقنعة لتخفيف حدة البرنامج وانه في حالة عدم الاقتناعة يجب أن يكون لدينا البدائل حتي لا ننساق في تبعية اقتصادية مصيرها انهيار اقتصادي.