مصنع الصافي-شاومي للهواتف الذكية والشاشات التليفزيونية …. مصنع عالمي على أرض مصرية (تقرير)

تقرير يكتبه: محمد لطفي
مصنع “الصافي–شاومي” يعيدني عقدين إلى الوراء… حين كانت جولات الشرق الأقصى وجهتي لاكتشاف أحدث تقنيات العالم، متنقلًا بين مصانع نوكيا، وإل جي، وسامسونج، وأوبو، وهواوي، وغيرها من العلامات التي صنعت تاريخ الإلكترونيات.
أمس، نظّمت مجموعة “الصافي” زيارة ميدانية لعدد من صحفيي قطاع الاتصالات في مصر، للاطلاع على تجربتهم الرائدة في تصنيع الهواتف الذكية وشاشات التلفزيون وغيرها من الصناعات المغذية.
المصنع بالأرقام، كما كشف عنها المهندس الشاب الطموح إسلام عادل، المدير العام لمصنع الصافي–شاومي:
المساحة: 25 ألف متر مربع
حجم الاستثمارات: تتجاوز حاليًا 80 مليون دولار أمريكي
عدد العاملين: يقترب من 3200 موظف، ما بين عمالة مباشرة وغير مباشرة
عدد خطوط الإنتاج: نحو 25 خطًا مخصصًا لإنتاج الهواتف الذكية وشاشات التلفزيون ، مما ساعد في خلق سيمفونية صناعية متكاملة تعكس روح التفوق والإنجاز.
تمثل مشروعات مثل “الصافي” و”شاومي” نقطة تحول حقيقية في مسار الصناعة الإلكترونية في مصر، فليست مجرد مصانع، بل لبنات أساسية في تأسيس منظومة صناعية حديثة قائمة على التكنولوجيا، والابتكار، والمعرفة.
وفي ظل الدعم السياسي والرؤية الاستراتيجية التي تنتهجها الدولة، تمضي مصر بخطى ثابتة نحو أن تصبح ليس فقط مستهلكًا للتكنولوجيا، بل مُنتجًا ومُصدرًا لها أيضًا.
التجربة كانت ملهمة. ما شاهدته بأم عيني خلال جولتي داخل المصنع، برفقة متخصصين، أعادني فعليًا إلى أجواء مصانع شرق آسيا منذ عقدين؛ نفس الجودة، نفس اختبارات المعايير، نفس روح الدقة. تنفست الصعداء حين رأيت أن لدينا في مصر مصنعًا بهذه الكفاءة، سبقه مصنع “سيكو” الذي يقوده المهندس محمد سالم. إنها خطوات حقيقية في مسار توطين صناعة التكنولوجيا والإلكترونيات بدعم رئاسي وحكومي واضح.
شهدت مصر خلال السنوات الأخيرة تحولًا استراتيجيًا عميقًا في مسارها الصناعي والتكنولوجي، مدفوعًا برؤية وطنية تهدف إلى: توطين التكنولوجيا ، تعزيز القدرات الإنتاجية المحلية ، تقليل الفاتورة الاستيرادية ، تحويل مصر إلى مركز إقليمي لصناعة الإلكترونيات في الشرق الأوسط وأفريقيا.
ويأتي افتتاح مصنعي “الصافي” و”شاومي” تجسيدًا لهذه الرؤية، كمحطة رئيسية ضمن خطة الدولة نحو اقتصاد رقمي صناعي متكامل.
تعتمد الدولة على استراتيجية طويلة الأمد لدعم الصناعة، تقوم على: توطين الصناعات التكنولوجية ، تعميق التصنيع المحلي
، فع نسبة المكون المحلي في المنتجات الإلكترونية ، وتحتل صناعة الإلكترونيات أولوية كبرى ضمن استراتيجيات “مصر الرقمية” و”رؤية مصر 2030″، لما لها من أثر مباشر على: الأمن القومي ، التحول الرقمي ،خلق فرص عمل ،تعزيز تنافسية الصناعات المصرية عالميًا.
وقد حرصت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بالتعاون مع وزارة التجارة والصناعة وهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (ITIDA)، على تهيئة بيئة استثمارية مشجعة، وتقديم حوافز جذابة للمستثمرين.
المصنع في قلب المنظومة الوطنية
يُعد مصنع “الصافي” من أوائل الكيانات الوطنية التي دخلت مجال تصنيع الإلكترونيات محليًا بقوة، حيث يركز على إنتاج:
الهواتف المحمولة ،الشاشات الذكية ، الأجهزة اللوحية ، المكونات الإلكترونية عالية الطلب
يعتمد المصنع على كوادر فنية وهندسية مصرية، ما يعزز سياسة الدولة في: خلق فرص عمل مستدامة ، تقليل الاعتماد على العمالة الأجنبية ، تمكين الشباب المصري من العمل والإبداع
أما شركة شاومي العالمية، فهي من أكبر خمس شركات لإنتاج الهواتف الذكية عالميًا، وافتتاح مصنعها في مصر يعد شهادة ثقة في الموقع الجغرافي، والبنية الاستثمارية، والكوادر المحلية.
وينتج المصنع حاليًا:
10 ملايين وحدة من الهواتف الذكية سنويًا ، 500 ألف وحدة من شاشات التلفزيون مع خطط توسع لتلبية احتياجات السوق المحلي والتصدير لأفريقيا والمنطقة العربية.
بلغت قيمة الاستثمارات المشتركة بين الصافي وشاومي نحو 4 مليارات جنيه مصري، تشمل:تطوير خطوط الإنتاج ، توفير البنية التحتية ، نقل التكنولوجيا ، تدريب وتأهيل الكفاءات
ويُعد هذا الرقم مؤشرًا على تصاعد ثقة المستثمرين العالميين في بيئة الاستثمار المصرية، خاصة بعد جهود الحكومة في:
تحسين الإطار التشريعي ، إطلاق مناطق صناعية متخصصة في الإلكترونيات، مثل:مدينة العلوم والمعرفة بالعاصمة الإدارية
لماذا توطين الصناعة مهم؟
تعود فوائد توطين صناعة الإلكترونيات على الاقتصاد المصري بـ:
1. خفض الواردات وتوفير العملة الصعبة تقليل الفاتورة الاستيرادية العالية للأجهزة الإلكترونية.
2. خلق فرص عمل نوعية توفير وظائف في التصنيع والهندسة والبرمجة والجودة.
3. نقل التكنولوجيا وتطوير الصناعة الوطنية الشراكات مثل التي مع شاومي تسهم في نقل المعرفة والتقنية.
4. دعم الصادراتفتح أسواق أفريقيا والمنطقة العربية لمنتجات إلكترونية مصرية الصنع.
دعم حكومي مستمر
تحظى مشروعات التوطين بدعم واضح من الدولة عبر:
مبادرة “تصنيع الإلكترونيات في مصر”
حوافز ضريبية وجمركية للمستثمرين
توفير أراضٍ صناعية بأسعار تشجيعية
برامج تدريب مثل “مستقبلنا رقمي” لتأهيل الكوادر
ورغم النجاحات التي تحققت على أرض الواقع هناك تحديات قائمة نجملها في :
تطوير سلاسل الإمداد المحلية للمكونات ، تأمين المواد الخام الأساسية ، زيادة الاستثمار في البحث والتطوير (R&D) ،تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص .