الأزمات..توفر فرصاً ونجاحات حقيقية عبر تحديها ومحاولة إيجاد حلول لها: التجربة المصرية «رائدة».. حولت «المحنة» إلى منحة
«مصر لديها تجارب عظيمة فى تحويل المحنة إلى منحة، هذه خلاصة ما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسى فى تعليق فى الجلسة الافتتاحية فى «المؤتمر العالمى للصحة والسكان والتنمية البشرية» قبل أيام قليلة وقال تفصيلاً: «مصر لديها تجربة.. والأزمات توفر فرصاً حقيقية ونجاحاً حقيقياً غير تحديها المحن ومحاولة ايجاد حلول لها».
والسنوات الأخيرة وتحديداً منذ تولى الرئيس السيسى قيادة البلاد تؤكد أن مصر تخطت محناً كثيرة لعل بدايتها وأبرزها كانت محاولات الحصار على مصر بعد ثورة ٣٠ يونيو ثم الارهاب الاخوانى المدعوم دولياً ثم «أزمة انتشار فيروس كورونا» ثم أزمة الحرب الروسية الأوكرانية، وتداعياتها فى الأزمة الاقتصادية العالمية، وتعطل سلاسل الامداد وتباطؤ حركة التجارة العالمية وارتفاع أسعار السلع والخدمات وأكتملت المواقف والأزمات الصعبة مع الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان واتساع بؤرة الصراع، والتداعيات فى منطقة البحر الأحمر ومع هذا تبقى مصر متماسكة.
«الجمهورية الأسبوعي» فى هذا الملف تتوقف عند محطات المحن وعلامات «المنح» وتشمل آراء الخبراء فى السطور التالية:
10 سنوات.. نجاحات فى عبور جسور الأزمات تباعاً
الإصلاح.. حجر الأساس
«..المحن تتحول إلى منح، إذا أحسن الاستفادة منها، والمحنة التى تعرضت لها مصر بعدما خرجت من عام 2011 بظروف اقتصادية صعبة تقترب من الأفلاس مرورا بأزمة كوفيد عام 2019 ثم الحرب الروسية – الأوكرانية ثم أحداث غزة والسودان جعلتها تواجه العديد من التحديات الصعبة ولكنها استطاعت بأردة سياسية وعزيمة لا تلين عبور تلك التحديات فى تجربة يشهد لها العالم بالنجاح، ورغم الظروف الصعبة والتوترات الجيوسياسية التى تحيط بالمنطقة حقق الاقتصاد المصرى نموا كبيراً وملموساً خلال السنوات الماضية بعد الاصلاحات الاقتصادية التى تبنتها الدولة وذلك بشهادة كل المؤسسات الدولية والعديد من وكالات الأنباء العالمية المتخصصة..».
بداية الأزمات
كانت بداية الأزمات والعقبات بعد توقف عجلة الإنتاج بعد أحداث يناير 2011، وترتب عليه أن تحولت مُطالبات العدالة الاجتماعية، إلى عدالة فى توزيع الفقر بعد أن تراجعت إيرادات الدولة بتوقف آلاف المصانع، وتراجع حركة السياحة، وتباطؤ كافة القطاعات الاقتصادية، ولم يكن المواطن البسيط يشعر بحجم الكارثة بسبب استخدام الحكومات للاحتياطي، فى تلبية الاحتياجات، ودعم سعر صرف العملات الأجنبية، وكذا زيادة حجم المال السياسى الذى كانت تضخه بعض الدول لكيانات بالداخل المصرى للتأثير فى القرار السياسى وسط حالة من الاضطرابات وعدم القدرة على السيطرة التى لا تسمح بالبناء والتنمية، كما أدى سوء إدارة الأمورالاقتصادية والسياسية، بجانب محاولات الإخوان الأرهابية لبسط نفوذهم على المؤسسات الحيوية للدولة، إلى تزايد حالة الاستياء والاحتقان الشعبي.
الولاية الرئاسية
وبدأت فترة ولاية الرئيس عبد الفتاح السيسى فى 3 يونيو 2014، بخطوات مدروسة بعناية لعودة مصر، وافتتحها بمشروع قناة السويس الجديدة الذى تجمع حوله المصريون، وكذلك التصدى بجرأة لأزمات نقص الوقود، والكهرباء، وغاز البوتاجاز وغيرها من الاحتياجات التى كانت تؤرق حياة المواطن، فتم توقيع اتفاقيات مع المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول لتأمين احتياجات مصر من الوقود، وتم الاتفاق مع سيمنز الألمانية لإنشاء ثلاث محطات كهرباء هى من الأكبر فى العالم، والانطلاق نحو تنويع مصادر الطاقة وتنميتها حيث لا توجد تنمية بدون طاقة، ومع استقرار الأوضاع لم يكن من الممكن الانطلاق للمُستقبل دون التصدى للمُشكلات الحقيقية.
وتم تشخيص المُشكلة الاقتصادية فى توقف عجلة الإنتاج، وزيادة مُعدلات البطالة، ومحدودية النمو الاقتصادى مُقارنة بنمو سكانى كبير، واعتماد الدولة على المعونات لدعم سعر صرف الجنيه الأمر الذى خلق مناخ للمُضاربة والاكتناز، فتصدت الدولة بوضع برنامج إصلاح اقتصادى يستهدف خلق التمويل الكافى لزيادة حجم النشاط الاقتصادى الذى مع حدوثه تنخفض البطالة وتتحسن حياة المواطن، وقامت الحكومة بتنفيذ المرحلة الأولى منه خلال الفترة من عام 2016 حتى إبريل 2021.
البيئة المناسبة
وعملت الحكومة، منذ البداية على جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية من خلال تهيئة بيئة اقتصادية مستقرة وإطلاق العديد من المشروعات القومية الكبرى وأيضا تحسين الخدمات العامة حيث تم التركيز على تحسين الخدمات العامة مثل الصحة والتعليم والنقل، مما ساهم فى رفع مستوى المعيشة للمواطنين، وأيضا إصلاحات اجتماعية حيث تم تعزيز العدالة الاجتماعية من خلال تنفيذ سياسات تهدف إلى تحسين مستوى المعيشة للفئات الأقل حظًا وتوفير الدعم الاجتماعى للأسر المحتاجة، بالأَضافة الى مبادرات دعم القطاعات الإنتاجية التى أطلقتها الحكومة لدعم قطاع الصناعة والزراعة هى بلا شك خطوة إيجابية لتعزيز أداء القطاعات الاقتصادية الهامة داخل الاقتصاد المصرى حاليا مثل الزراعة والصناع.
الإصلاح الاقتصادى
وبعد الانتهاء من المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادى فى أبريل الماضى يُمكن أن نرصد وطنية المواطن المصرى الذى تحمل أعباء الإصلاح، وفيما يتعلق بحياته حيث انتهت أزمات انقطاع الكهرباء، وعدم توافر الوقود، والدواء، وغيرها من احتياجات المواطن، وامتصت مشروعات التشييد والبناء ملايين من العمالة التى تُمثل أجورهم حياة لأسرهم، كما شعر المواطن ببرامج وحملات الرعاية الصحية مثل مشروع 100 مليون صحة، ومشروع مواجهة أمراض العيون، وتطوير قطاع إنتاج الأدوية والأمصال، كما تحارب وزارة التعليم حالياً معوقات مشروعها لتطوير التعليم الذى يُحارب من أصحاب المصالح، وتتبنى وزارة التضامن أكثر من 12 مشروعاً لمُساعدة الطبقات الأولى بالرعاية، وغيرها من النتائج الأخرى التى تمت وننتظر أن تتم، إلا أن ضمان استدامة النجاح وزيادة شعور المواطن بالنتائج يحتاج لتفاعل من رواد الأعمال مع الحوافز والضمانات التى تقدمها وزارة الاستثمار، والتى حال تفاعلهم معها سيزداد حجم الأعمال والتشغيل، فضلاً عن كونهم النواة لجذب شراكات من مستثمرين من الخارج، مما يزيد من حجم الناتج المحلي، ويرفع مُعدلات النمو لتزداد رفاهية المواطن.
مكتسبات الإصلاح
ونتوقف أمام المؤشرات الاقتصادية الكلية الحالية لمصر، والتى تظهر تحسناً ملحوظاً فى معظم المجالات، ورغم التحديات الاقتصادية المحلية والعالمية، فقد نجحت مصر فى تحقيق تقدم اقتصادى يوفر مستقبلاً مشرقاً للجيل الحالى والأجيال المقبلة، وحققت العديد من المكتسبات التى ساهمت فى تغيير الوضع الاقتصادى والاجتماعى ومن أهم هذه المكتسبات التنمية الأقتصادية الشاملة، حيث تم تنفيذ مشروعات تنموية كبري، منها مشروع قناة السويس الجديدة، وتطوير البنية التحتية، وبناء المدن الجديدة، مما ساهم فى خلق فرص عمل جديدة وتحفيز الاقتصاد، وارتفاع معدل النمو الاقتصادى تدريجياً ليصل إلى حوالى 5.6٪ ، عام 2019 ومع جائحة كوفيد مرورا بالحرب الروسية- الأوكرانية شهد معدل النمو تباطؤًا لكنه ظل إيجابياً مقارنة بالدول الكبري،ويتوقع ان يبلغ 4.2٪ خلال عام 24/2025، كما انخفض معدل البطالة تدريجياً ليصل إلى حوالى 6.5٪ فى الربع الثانى من 2024 مما يدل على تحسن سوق العمل وخلق فرص عمل جديدة نتيجة للمشروعات التنموية والاستثمارات، كما ارتفع الاحتياطى النقدى تدريجياً ليصل إلى 46،73 مليار دولار فى سبتمبر 2024 مما يعزز استقرار الاقتصاد وزيادة ثقة المستثمرين الدوليين فى الاقتصاد المصري، وهذا يعكس جهود الحكومة فى تعزيز النمو الاقتصادى من خلال المشروعات القومية والإصلاحات الاقتصادية.
وفق شهادات دولية: مناخ استثمارى مناسب + برامج حماية اجتماعية = جذب رءوس أموال + مشروعات عملاقة
المؤشرات الاقتصادية.. دليل نجاح
تقرير- نجلاء عبدالعال
«.. فى ظل تحديات اقتصادية غير مسبوقة على المستوى العالمي، استطاعت مصر تحقيق تقدم ملحوظ فى مؤشرات اقتصادية عديدة، الأمر الذى جذب اهتمام المؤسسات الاقتصادية الدولية والشركات الكبري، تأتى هذه الإشادة كنتيجة للجهود الاستراتيجية التى بذلتها القيادة المصرية منذ إطلاق الإصلاحات الاقتصادية عام 2016، والطريق الذى خاضته لتحويل المحن إلى منح والعقبات إلى دعائم تصعد عليها لتتجاوز التحديات التى كان أغلبها دوليا وقادم عبر مشكلات على الحدود الأربعة، وهو ما عكسته تقارير مؤسسات دولية وإقليمية متنوعة، بما فى ذلك المؤسسات العربية، الآسيوية، والأوروبية، التى سلطت الضوء على جوانب متعددة من التطورات فى الاقتصاد المصري.
الصندوق الدولى
ووفقًا لتقرير صندوق النقد الدولى الصادر فى أبريل 2024، فإن «الإصلاحات الاقتصادية الشاملة التى نفذتها مصر منذ سنوات ساهمت بشكل كبير فى تعزيز مرونة الاقتصاد المصرى وقدرته على تحمل الأزمات العالمية المتتالية». وتطرق التقرير إلى عدة محاور كان لها تأثير بارز فى تحسين الأداء الاقتصادي، بما فى ذلك تحرير سعر الصرف، وتوجيه الدعم للقطاعات الحيوية. وقد أسهمت هذه الإجراءات فى تحسين بيئة الاستثمار وزيادة تنافسية السوق المصرية على المستوى الدولي.
الاكتفاء الذاتى
أحد الجوانب التى ركزت عليها تقارير المؤسسات العالمية، هو نجاح مصر فى تطوير قطاع الطاقة. فقد أشار تقرير صدر عن شركة «إيني» الإيطالية فى يونيو 2023 إلى أن «مصر أصبحت مركزًا إقليميًا للطاقة بعد اكتشافات الغاز الطبيعى فى البحر المتوسط، وعلى رأسها حقل ظهر العملاق».
وأوضحت الشركة أن «اكتشافات الغاز ساهمت فى تحويل مصر من مستورد للطاقة إلى مصدر إقليمي، مما يعزز استقرار الاقتصاد ويدعم ميزان المدفوعات». واستطاعت مصر بالفعل تحقيق الاكتفاء الذاتى من الغاز الطبيعي، كما ساهمت صادرات الغاز المصرية فى تلبية احتياجات السوق الأوروبية المتعطشة للطاقة، مما عزز دور مصر فى السوق العالمية، وهو ما سيقوى ويتفعل بمجرد انطفاء نار الحروب المحيطة.
طاقة مستدامة
وأما وكالة الطاقة الدولية فقد أكدت فى تقريرها السنوى لعام 2024 أن «الاستثمار فى مشروعات الطاقة المتجددة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية يعكس التزام مصر بتطوير مصادر طاقة نظيفة ومستدامة». وفى هذا السياق، أعلنت الحكومة المصرية عن عدة مشروعات كبري، منها مشروع «بنبان» للطاقة الشمسية فى أسوان، الذى اعتبرته الوكالة «أحد أكبر مشروعات الطاقة الشمسية فى العالم»، ويعزز من طموحات مصر للتحول إلى مركز اقليمى للطاقة النظيفة.
وجهة استثمارية
أشار تقرير صادر عن المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات فى أكتوبر 2023 إلى أن «مصر تحتل مكانة متقدمة بين الوجهات الاستثمارية العربية، حيث شهدت تدفقات رءوس أموال عربية ضخمة فى السنوات الأخيرة». وأضاف التقرير أن السياسات المصرية المشجعة للاستثمار ساعدت على استقطاب استثمارات جديدة من دول الخليج العربي، التى دعمت بشكل كبير القطاعات العقارية والسياحية.
وشهدت مصر طفرة كبيرة فى تطوير البنية التحتية، حيث أولت الحكومة اهتمامًا خاصًا لتحسين شبكة الطرق والكباري، وتطوير المدن الجديدة مثل العاصمة الإدارية. وقد أشادت تقارير المؤسسات الدولية بهذا الجهد، حيث ذكر تقرير لمؤسسة التمويل الدولية (IFC) فى نوفمبر 2023 أن «المشاريع الضخمة التى تبنتها مصر فى مجالات البنية التحتية تعزز من قدرتها على جذب الاستثمارات وتدعم التنمية المستدامة». وأضاف التقرير أن هذه المشاريع لم تحسن جودة الحياة للمواطنين فحسب، بل ساعدت أيضًا فى خلق فرص عمل جديدة وتحفيز النمو الاقتصادى فى المناطق التى كانت تعانى من نقص فى الخدمات الأساسية.
وفى السياق ذاته، ذكرت وكالة «بلومبيرغ» الاقتصادية فى تقرير صادر فى أغسطس 2023 أن «مشروع العاصمة الإدارية يعكس رؤية مصر لبناء مركز اقتصادى عالمى جديد، يكون بمثابة مركز للأعمال والشركات العالمية فى المنطقة». وأشار التقرير إلى أن هذا المشروع، إلى جانب المشاريع الأخرى مثل شبكة الطرق الحديثة، يساهم فى تعزيز القدرة التنافسية لمصر على الصعيدين الإقليمى والعالمي.
تعليم وتكنولوجيا
ولأن مصر تدرك أهمية تطوير التعليم ودعم الابتكار كجزء من استراتيجيتها لتعزيز الاقتصاد. وقد أشارت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD) فى تقريرها الصادر فى يوليو 2024 إلى أن «استثمار مصر فى قطاع التعليم والتكنولوجيا يعكس التزامها بتوفير قوى عاملة مؤهلة وقادرة على التكيف مع متطلبات العصر الرقمي». وتطرق التقرير إلى المبادرات التى تبنتها مصر لتطوير التعليم الفنى ودعم التعليم التكنولوجي، مما يساهم فى تهيئة جيل جديد من العمالة الماهرة.
كما أشاد التقرير بالدعم الحكومى للمبادرات الشبابية فى مجال التكنولوجيا، والتى تشمل برامج للتدريب والتأهيل التكنولوجي، وخلق بيئة مشجعة لريادة الأعمال والابتكار. وأكدت مؤسسة التمويل الدولية (IFC) أن «دعم الحكومة المصرية للتكنولوجيا والتعليم يساهم فى تحفيز الابتكار ويعزز من تنافسية الاقتصاد المصرى على المدى الطويل».
أشاد صندوق النقد العربى فى تقريره لعام 2023 بالدور الريادى لمصر فى دعم الطبقات المتوسطة، معتبرًا أن «برامج الحماية الاجتماعية التى تطبقها الحكومة المصرية تعتبر نموذجًا يحتذى به، خاصة فى ظل التحديات الاقتصادية التى تواجه العديد من دول المنطقة».
التصنيف الائتمانى
تأثرت نظرة المؤسسات المالية الدولية للاقتصاد المصرى بالإصلاحات المالية التى ساعدت فى تحسين التصنيف الائتمانى للبلاد. وفقًا لتقرير صادر عن وكالة «فيتش» للتصنيف الائتمانى فى يونيو 2024، فقد ارتفع تصنيف مصر إلى «مستقر»، مما يعكس قدرة الاقتصاد المصرى على تحقيق التوازن المالى وتحسين الأداء. وذكر التقرير أن «تحسن التصنيف يعود إلى زيادة الاحتياطيات النقدية الأجنبية وتحسن ميزان المدفوعات، ما يعزز من قدرة مصر على تحمل الصدمات الاقتصادية الخارجية».
كما أشارت وكالة «موديز» فى تقريرها الصادر فى أكتوبر 2023 إلى أن «إدارة الحكومة المصرية للسياسات المالية والنقدية ساهمت فى استقرار العملة المحلية وزيادة جاذبية السوق المصرى للاستثمارات الأجنبية». وأكدت موديز أن «مصر أصبحت قادرة على تحقيق الاستقرار الاقتصادى على الرغم من التحديات العالمية».
تعزيز التنافسية
أحد التوجهات المهمة التى تبنتها الحكومة المصرية كان تعزيز الإنتاج المحلى وتقليل الاعتماد على الواردات. وقد أشار تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD) فى سبتمبر 2023 إلى أن «مصر تسعى إلى زيادة الصادرات وتعزيز قدراتها التنافسية فى الأسواق العالمية، من خلال دعم الصناعات المحلية وتطوير المناطق الصناعية». وأكد التقرير أن هذه السياسة تسهم فى توفير المزيد من فرص العمل وتحقيق التنمية المستدامة على المدى الطويل.
تحدى الضغوط
المسيرة المصرية فى تحدى الضغوط ونيران الحروب المحيطة مستمرة وتسجل إنجازات اقتصادية وهو ما تثبته الأرقام التى أعلنها مؤخرا مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، مشيرا خلال تقريره ربع السنوى بعنوان الصادرات السلعية غير البترولية، إلى أن قيمة الصادرات المصرية غير البترولية بلغت 9.7 مليار دولار خلال الربع الثانى من عام 2024 مقابل نحو 8.4 مليارات دولار خلال الربع نفسه من عام 2023، بنسبة ارتفاع بلغت نحو 15.5٪.
وكذلك سجل الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء ارتفاعا لحجم التبادل التجارى بين مصر وتجمع دول البريكس ليسجل 30.2 مليار دولار خلال الـ 8 أشهر الأولى من عام 2024 مقابل 26.2 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2023 بنسبة ارتفاع 15٪، فيما بلغت قيمة الصادرات المصرية إلى تجمع دول البريكس 5.7 مليار دولار خلال الـ 8 أشهر الأولى من عام 2024 مقابل 5.3 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2023 بنسبة ارتفاع 7.3 ٪.
خطوات عززت القدرات: برامج إصلاح + بنية تشريعية قوية = توطين الصناعات + نمو الصادرات + توفير فرص عمل
التنمية المستدامة.. نموذج مصرى
تحقيق – وفاء رمضان
يؤكد خبراء الاقتصاد لـ «الجمهورية الأسبوعي» إن مصر برهنت مصر للعالم خلال السنوات الماضية، انه بالفعل من المحن تولد المنح وانه على الرغم مما تعرضت له مصر من أزمات اقتصادية منذ احداث 25 يناير مرورا بجائحة كورونا والحرب الأوكرانية الروسية وأحداث غزة والسودان ولبنان وتأثر البحر الأحمر.
تقول د. هدى يسي، رئيس اتحاد المستثمرات العرب ورئيس لجنة الصناعة والاستثمار بجمعية مستثمرى العاشر من رمضان ان الدولة قامت بتنفيذ مشروعات قومية وتحقيق العديد من النجاحات وخلقت تنمية شاملة متوازنة على الرغم من الظروف التى تعرضت لها منذ 2014 حتى الآن حيث ابتكرت سياسات مبتكرة لتنمية وتوطين الصناعات من خلال توفير حزم متنوعة وجديدة من محفزات الاستثمار لتشجيع الصناعة والتصدير حيث قامت بتأسيس عدد كبير من المدن الصناعية والاقتصادية والاستثمارية والتوسع فى إنشاء المجمعات الصناعية الجديدة.
وأوضحت انه تم إطلاق البرنامج القومى لتعميق التصنيع المحلي وإعداد قائمة 100 اجراء تحفيزى من أجل النهوض بالصناعة المصرية وجذب المستثمرين والتى تم الانتهاء مما يزيد على 95٪ من أجزاء منها موضحة انه تم إنشاء 17 مجمعا صناعيا أيضا بأعلى المعايير بـ 15 محافظة باجمالى 5046 وحدة منها 2628 وحدة بالصعيد والتى تمثل من 52٪ من إجمالى الوحدات مما تؤكد اهتمام الدولة بالصعيد وخروجه من دائرة الإهمال العقود السابقة.
وأضافت أن مصر لم تستسلم خلال السنوات الماضية لأى أمات أو تحديات بل واجهت وأصرت القيادة السياسية على البناء والإصلاح لتحول المحن والأزمات إلى منح حقيقية ،ان مشروع انشاء المجمعات الصناعية فى مختلف المحافظات استطاع ان يوفر43 ألف فرصة عمل مباشرة مما ساهم فى خفض نسب البطالة وتقليل الاعتماد على المنتج المستورد والاعتماد على المنتج المحلى فى التصنيع مؤكدة ان توطين الصناعة إحدى أولويات القيادة السياسية باعتباره مطلباً اساسياً فى جذب الاستثمارات وتطوير البنية التحتية وتعزيز التكنولوجيا والابتكار المجتمع الصناعى المصرى.
قال د.فايز عزالدين رئيس غرفة التجارة الكندية بمصر ان الدولة المصرية استطاعت ان تقوم بتهيئة بنية قوية لجذب الاستثمارات على الرغم من التحديات المحلية والدولية التى مرت بها خلال السنين السابقة مما يؤكد انه من المحن تأتى دائما المنح حيث قامت بإتاحة فرص ومشروعات استثمارية جاهزة بكل تراخيصها وبالاضافة إلى اراضى باسعار تنافسية وحوافز ضريبية وغيرها من الحوافز لتشجيع وجذب المستثمرين مما نتج عن ذلك جذب استثمارات مباشرة بلغت 10 مليارات دولار ومن المتوقع ان تزيد على ذلك نهاية العام الجارى بعد توقيع صفقة رأس الحكمة والتنفيذ الفعلى لعدد من مشروعات الهيدروجين الأخضر.
بناء جديد
وأوضح انه منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى قيادة البلاد وهدفه الأكبر هو بناء جمهورية جديدة طبقا للمعايير الدولية من خلال تحفيز بيئة الاستثمار وريادة الأعمال والصناعة وتشجيع القطاع الخاص والتحول للاقتصاد الأخضر.
وقال انه من الإجراءات الحاسمة لتحفيز الاستثمار كان إنشاء المجلس الأعلى للاستثمار برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي والذى كان بمثابة وثيق لبناء وإعادة وضع مصرعلى خريطة الاستثمار العالمية والتى من نتائجها تخفيض تكلفة تأسيس الشركات وتسهيل الأراضى للمستثمرين والتوسع فى الرخصة الذهبية وتعديل اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار وإنشاء منصة إلكترونية لتأسيس وتشغيل المشروعات بهدف خفض البيروقراطية والروتين.
أضاف عز الدين ان الاجراءات والبرنامج الاقتصادى الذى سارت عليه الدولة ساهمت فى تقدم مصر فى العديد من مؤشرات الاقتصاد حيث بلغ صافى تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر الأجنبى إلى 10 مليارات دولار العام المالى 2022/2023 وانه من المستهدف ارتفاعها إلي40 مليار جنيه بعد تنفيذ مشروع رأس الحكمة ومشروعات الهيدروجين الأخضر بنهاية العام الجاري.
قال، د. مصطفى بدرة الخبير الاقتصادي ان اقتصاد الدول يقوم علي التنمية المستدامة والاقتصاد الكلى وانه على الرغم من الظروف التى عانت منها مصر وأيضا العالم أجمع إلا ان مصر تخطت أزمات غير مسبوقة ، والاقتصاد المصري وبشهادات دولية ما زال يقف على أرض صلبة وان قطاع النقل والمواصلات من القطاعات التى نالت اهتماماً كبيراً خلال الفترة الماضية لأنه يعد من أسس البنية التحتية الجاذبة للاستثمار والسياحة والتجارة وتحسين الصناعة مما ينعكس علي زيادة معدلات النمو القومى للدولة ويضيف الكثير للمجتمع المحلى من توفير الخدمات وتوفير بيئة صالحة للإنتاج فكلما تم الاهتمام بالنقل كلما أثر ذلك ايجابيا على وقت ومجهود حتى المواطن فى أداء أعماله و المستثمرين والمصنعين بأداء مصانعهم.
وأوضح ان الدولة بدأت فى الخطة الشاملة لتطوير وتحديث منظومة النقل منذ 2014 حتى الأن والتى تكلفت 2 تريليون جنيه منها 530 مليار الطرق والكبارى و225 ملياراً للسكك الحديدية و1100 مليار للأنفاق والجر الكهربائى و129 ملياراً للموانئ البحرية و15 مليار للموانئ البرية والجافة والمناطق اللوجستية و4 مليارات للنقل النهري.